مئذنة جولي

    ملف الموقع

    تقع مئذنة جولي، المعروفة ايضاً باسم مئذنة المظفرية، في مدينة اربيل على بعد 1 كم غرب/جنوب غرب قلعة اربيل الواقعة في مركز المدينة، وهي إحدى أقدم المستوطنات المأهولة في العالم. كانت المئذنة، في الأصل، جزءاً من مجمع معماري أكبر. اختفت المباني المحيطة بها تماماً، وظلت المئذنة وحدها (وهي موجودة حالياً ضمن حديقة عامة؛ انظر البانوراما). يقال ان المئذنة والمباني التي كانت تحيط بها تعود الى عهد الحاكم مظفر الدين كوكبوري (حكم 1168 – 1233)، أخر سلالات البكتكين في المنطقة. تعد هذه المئذنة النصب المعماري الوحيد المحفوظ من العصور الوسطى والذي ما يزال قائماً في اربيل الحالية. 

    الواجهة الكاملة

    التفاصيل: اسطوانة المئذنة

    الصور التاريخية

    الصور التكميلية

    بُنيت مئذنة جولي من الطابوق المشوي المثبت بالجبس والملاط. تتكون المئذنة من قاعدة مثمنة، يصل ارتفاعها الى حوالي 12 م، واسطوانة المئذنة العمودية التي يبلغ اتفاعها حوالي 24 م، مع شرفة بينهما. يبلغ سمك جدار اسطوانة المئذنة حوالي 36 سم. انهار الجزء العلوي منها في وقت ما قبل القرن التاسع عشر.  

    تتخذ القاعدة شكلاً مثمناً، على الرغم من أن وجهاً واحداً قد تم تمديده في الجزء السفلي ليشكل زاوية بـ 90 درجة في الشمال الغربي (انظر المخطط). يرتبط هذا الامتداد، الذي كان اضافة لاحقة الى المثمن الأصلي، على الأرجح بمحاولة ربط المئذنة بمجع الأبنية الذي كان موجود في هذا الموقع وغير قائم الأن (انظر المزيد في 'التاريخ').

    يقود مدخل على الجانب الشرقي للمئذنة الى داخل قاعدتها حيث يوجد سلم حلزوني يرتفع الى مستوى شرفة المئذنة. على الجانب الغربي من الشرفة، يوجد باب أصغر يقود الى سلم حلزوني أخر داخل اسطوانة المئذنة يصل الى شرفة ثانية في الأعلى (وهي مفقودة الآن). تُظهر الرسومات والصور الفوتوغرافية للمئذنة من القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ان حاجز الشرفة ورواقها كان قد تم تدميرهما في ذلك الوقت (انظر مخطط إرنست هرتسفيلد عام 1920 للتعرف على ارتفاع المئذنة آنذاك)؛ تم الترميم الحالي في ستينيات القرن العشرين.

    على الرغم من ان المئذنة وزخرفتها قد تعرضت الى العوامل الجوية بشكل كبير1، إلا أنها ما تزال تحمل زخرفة غنية جداً. فقد تم تزيين كل وجه من اوجه القاعدة الثمانية بصف من الكوات المدبب داخل إطارات مستطيلة. تم تصميم هذه الألواح بأنماط هندسية معقدة تتكون من اللبن والبلاط المزجج. تتميز التصميمات الداخلية في الجزء السفلي بنمط شريط متشابك، بينما تم تزيين تلك الموجودة في المستوى العلوي بخطوط متعرجة (انظر الرسم)؛ وتوجد انماط سداسية ونجوم داخل الإطار فوق الكوات (انظر الرسم). ويوجد في ستارة (مرد) الشرفة 24 كوة صغيرة اقل زخرفة.

    تبدأ اسطوانة المئذنة بالميلان الى الداخل من القاعدة حيث تم تزيينها بزخارف قطرية متداخلة (هزارباف) يفصل بينها شرائط رفيعة منقوشة. وتجدر الإشارة بشكل خاص إلى بقايا التزجيج الخزفي باللون الأزرق المصري والذي لايزال ظاهراً في زخرفة قاعدة المئذنة وعمودها.

    • 1. راجع اعادة بناء هذه الأنماط الزخرفية في Herzfeld 1920, figs. 296–298، والرسومات بواسطة الكومبيوتر في al Ajlouni and Justa 2011.

    كان هناك شريط افقي بالقرب من قاعدة المئذنة يحمل كتابة منقوشة في الفسيفساء القرميدية، إلا أنه لم يتبقى منه سوى طبعات الكتابة بالخط الكوفي على الملاط – والتي اصبحت الآن غير مقروءة – حتى وقت التوثيق المنهجي الأول للمئذنة1. لقد تم التعرف على لوحة صغيرة فوق الباب الغربي، تقدم اسم المعماري الذي صمم المئذنة : عمل الحجي مسعود ابن أبي سعد2.

    • 1. Herzfeld 1920, 315 يقترح ان هذا كان نصاً قرآنياً وليس تاريخياً ، إذ كان الخط الكوفي في ذلك الوقت غير مرغوب به للكتابات التاريخية.
    • 2. Nováček et al. 2013, 22 and n. 35.

    من الواضح أن المئذنة كانت مرتبطة بجامع أو مجمع به جامع على الرغم من أن التحديد الدقيق للمبنى غير واضح الآن. يبدوا ان هذا المبنى قد اندثر في وقت كتابة أخبار الرحالة الأوربيين في اواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر. ويذكر بعض الرحالة آثاراً لمبنى يفترض انه الجامع، لكنها لم تعد موجودة1؛ فضلاً عن ذلك يذكر التقليد المحلي بأن المئذنة كانت مرتبطة بالجامع العتيق (الجامع القديم) المعروف من المصادر الأدبية2. ومع ذلك، فمنذ دراسة إرنست هرتسفيلد للمئذنة في عام 1920، اُفترضَ انها تنتمي الى جامع – مدرسة بُنيت في عهد مظفرالدين كوكبوري، أتابك أربيل في عهد صلاح الدين الأيوبي3.

    كشفت الحفريات الآثارية التي أجرتها مديرية الآثار العراقية في الستينيات عن أساسات عدة مبان في محيط المئذنة، بما في ذلك جامع الى الجنوب الشرقي يعود الى تاريخ اقدم من المئذنة (ربما أموي او عباسي)4. أدى هذا الى الأعتقاد بأن المئذنة هي أضافة متأخرة عائدة الى الفترة البكتكية وفقاُ لأسلوب بنائها. من ناحية أخرى، فقد تم العثور على أساسات هيكل معاصر تقريباً للمئذنة في شمال غربها5. وهذا يمكن ان يشير الى ان المئذنة كانت بالفعل جزءاً من مجمع مدرسة موحد تم بنائه في عهد مظفر تماشياً مع اقتراح هرتسفيلد. ومع ذلك ما زلنا بحاجة الى مزيد من التحقيق الآثاري للأسس من اجل الوصول الى استنتاجات مؤكدة.

    إن الاسم جولي أتى من (جولة) ويعني 'الأرض الفارغة'. يعود الأسم الى حقيقة أنّ بعد الأتابكة تقلصت البلدة السفلى في أربيل وانعزلت المئذنة عن منطقة الاستيطان الرئيسية في شرق المدينة. مع توسع المدينة السفلية خلال القرن العشرين، أُعيد استيعاب المئذنة ضمن النسيج الحضري لأربيل. لقد تم ترميم المئذنة في ستينيات القرن العشرين، وفي ذلك الوقت تم تعديل حاجز الشرفة الى شكله الحالي. في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تم تحويل المنطقة المحيطة الى حديقة. في هذا الوقت كان جسم المئذنة يميل 65 سم عن المحور وكان في خطر الانهيار؛ في عام 2006، تم البدء بمشروع كبير للحفاظ على المئذنة واستمر حتى عام 62012.

    • 1. راجع  Rich 1836 (2), 15–16, 293–295; Hay 1921, 118.
    • 2. Nováček et al. 2013, 11.
    • 3. يقوم هرتسفيلد بتحديد زمن المئذنة الى بدايات حكم مظفر (حوالي 1190) Herzfeld 1920, 317–318 لأسباب تاريخية وفنية. ذكرت مدرسة المظفر من قبل ابن المستوفي وابن خلدون وابن السكار. للمزيد راجع: Creswell 1926.
    • 4. Nováček et al. 2013, n. 30 راجع كذلك  Husayn 1962; al-Janabi 1983, 53.
    • 5. Nováček et al. 2013, 20–23 and fig. 7.
    • 6. راجع Pavelka et al. 2007 بخصوص حالة المئذنة عند بدء الترميم . عن اعمال الترميم باختصار، راجع GEMA Art Group (web page) https://www.gemaart.com/en/minaret-choli-in-erbil-iraq/.  راجع كذلك Nováček et al. 2008, 293–296.

    لاحظ العديد من المسافرين الذين زاروا اربيل في أواخر القرن الثامن عشر حتى بدايات القرن العشرين المئذنة1. على سبيل المثال، لاحظ جيمس س. باكنكهام – الذي مر بالمنطقة عي عام 1816 – 'مئذنة عالية الجودة، معزولة الآن، ومدمرة، على الرغم من أن الواجهة القرميدية الخضراء لشكلها الخارجي الأصلي لاتزال مرئية في العديد من الأماكن، من حجمها واسلوبها الزخرفي ، لابد ان تكون مرتبطة بمسجد كبير'2. حتى عشرينيات القرن الماضي، تشير هذه التقارير ايضاً الى انقاض مرئية بجانب المئذنة. قام عدد من المسافرين بضم رسومات للمئذنة والآثار المحيطة بها ضمن رسوماتهم للقلعة (انظر رسم كلاوديوس ريتش؛ أنظر رسم أوجين فلاندين). قدم هرتسفيلد في منشوراته الأكثر علمية لعام 1920 مخططات وخرائط تفصيلية وصور للمئذنة3.

    بدأ البحث في الهياكل المحيطة بالمئذنة من خلال الحفريات الآثارية التي أجرتها مديرية الآثار العراقية في ستينيات القرن العشرين4.

    • 1. E.g. Rich 1836 (2), 15–16 and 293–295; Hay 1921, 118; Lehmann-Haupt 1926, 273.
    • 2. Buckingham 1927, 327.
    • 3. Herzfeld 1920, 315–318.
    • 4. حسين 1962؛ الجنابي 1983،  53.

    Al Ajlouni, Rima, and Petr Justa. 2011. “Reconstruction of Eroded and Visually Complicated Archaeological Geometric Patterns: Minaret Choli, Iraq.” Geoinformatics FCE CTU 6 (Reviewed Papers from XXIIIrd International CIPA Symposium, Prague, Czech Republic, September 12-16, 2011): 18–24.

    الجنابي ، طارق. 1983. دراسات في العمارة العراقية في العصور الوسطى. بغداد: وزارة الثقافة والأعلام.

    Buckingham, James S. 1827. Travels in Mesopotamia. London: H. Colburn.

    Creswell, K. A. C. 1926. “The Evolution of the Minaret, with Special Reference to Egypt-III.” Burlington Magazine 48 (278): 290–292+294–298.

    Herzfeld, Ernst. 1920. “Sindjār.” In Archäologische Reise im Euphrat- und Tigris-Gebiet, vol. 2, by Friedrich Sarre and Ernst Herzfeld, 305-348. Berlin: D. Riemer.

    Hay, William R. 1921. Two Years in Kurdistan Experiences of a Persian Officer, 1918–1920. London: Sidgwick & Jackson.

    حسين ، ك. 1962. "التنقيب حول النئذنة المظفرية في أربيل." سومر 18: 205 – 207.

    Justa, Petr, and Miroslav Houska. 2010. “The Conservation of Minaret Choli, Erbil, Iraq.” Conservation and the Eastern Mediterranean: Contributions to the 2010 IIC Congress, Istanbul, edited by Christina Rozeik, Ashok Roy, and David Saunders, 255. London: International Institute for Conservation of Historic and Artistic Works.

    Lehmann-Haupt, Carl. 1926. Armenien, einst und jetzt, vol. 2 (2). Berlin: B. Behr.

    Pavelka, Karen L., Jirina Svatušková, and Veronika Králová. 2007. “Photogrammetric Documentation and Visualization of Choli Minaret and Great Citadel in Erbil/Iraq.” In Proceedings of the 21st CIPA Symposium: AntiCIPAting the Future of the Cultural Past (ISPRS Archives, Vol. 36-5/C53), 245–258. Athens: CIPA.

    Nováček, Karel, Narmin Ali Muhammad Amin, and Miroslav Melčák. 2013. “A Medieval City within Assyrian Walls: The Continuity of the Town of Arbīl in Northern Mesopotamia.” Iraq 75: 1–42.

    Rich, Claudius. 1836. Narrative of a Residence in Koordistan […]. London: J. Duncan.

    Streck, M. 1927. “Irbil.” In The Encyclopaedia of Islam, 1st ed., vol. 4: 521–523. Leiden: Brill.

    المحتوى
    ماثيو بيبلز وهيلين ملكو (2020)