قناة جروانة

    ملف الموقع

    من المحتمل ان تكون قناة جروانة اقدم قناة مائية معروفة في العالم. تقع شمال محافظة نينوى مقابل مدينة الموصل في العراق. بناها الملك الآشوري سنحاريب (حكم 704 – 681 ق.م)، كانت القناة متطورة للغاية في هندستها وبنائها. حملت المياه عبر الوادي كجزء من النظام الهيدروليكي الذي بناه سنحاريب لتزويد عاصمته نينوى بالمياه.

    يقدر الارتفاع الإجمالي للقناة المائية بحوالي 9 امتار وعرضها حوالي 22 متراً (بدون الدعامات). من المحتمل ان طول القناة الإجمالي كان اكثر من 280 متراً، بالتالي فإنها تمثل عملاً معمارياً ضخماً. إن كتل الآشلار (أي كتل الحجر المهذبة والمربعة الشكل) المستعملة في البناء كانت جميعها ضخمة، رغم اختلاف احجامها. اذ يبلغ ارتفاع الأحجار في المستويات العليا 40 سم وعرضها 50 سم. وفي المستويات السفلى ، كانت كتلة الأحجار اكبر بقياس 1x1 م وارتفاعها 70 سم. ويبدو انه تم تشذيب اوجه الحجارة في الموقع نفسه  بدليل وجود طبقة عميقة من كسر الأحجار عند اسس الواجهات الحجرية للقناة. يدل هذا ايضاً على ان البناء قد قام بتشذيب الأحجار من الجانبين على طول المفاصل وترك كتلة بارزة خشنة في الوسط ليعطي مظهراً خشناً متعمداً. اظهرت التنقيبات الآثارية التي اجريت في الموقع ان عملية البناء بدأت بتسوية الأرض استعداداً لوضع اسس القناة. تم رصف قاع القناة المستطيل بصخور خشنة وتغطيتها برصيف من الحجارة الكبيرة الموضوعة قطرياً على تدفق التيار المائي من اجل زيادة ثباتها ؛ وتم رفع الأرصفة من هذا المستوى. تنقسم واجهة القناة الى الى اربعة عشر فتحة بواسطة القناطر. يحتوي الجزء المركزي الكبير على خمسة قناطر ذات اقواس مدببة الشكل. تكشف بقايا القوسين في اقصى الغرب – اللذين يقفان على ارتفاع يصل الى ستة مسارات – انها قد تم تشييدهما باستعمال تقنية الطنب.

    اكتشف علماء الآثار بالقرب من القناطر مجموعة من خمسة احجار متدرجة محفوظة بحلات مختلفة. على الرغم من ان موقعها الأصلي غير معروف ، يبدو انها شكلت فيما مضى عنصرًا  معماريًا  متدرجًا معروفاً في العمارة الأشورية (وخاصة فوق الأسوار). تم وضع احد الأحجار بتدرج الى جانب واحد فقط مما يشير الى انه ربما كان ينتمي الى نهاية الصف.

    تم البناء بشكل متين من الأسس حتى نقطة اوطئ بقليل من مستوى القناة ، إذ تم وضع طبقة من الخرسانة بعمق حوالي 40 سم. كان يعلو هذه الطبقة رصيف حجري متدرج بعناية يحيط به حاجز من الجهتين. ولا تمتد الخرسانة الى ما بعد الوجه الداخلي لكلا الجانبين ، وقد حرص البُناة على تجنب التلاحم المباشر بين الحاجز والرصيف وذلك لمنع حدوث تصدع في الخرسانة (بسبب الوزن الثابت للحاجز والوزن المتغير للماء) مما يؤدي الى حدوث تسرب. فضلاً عن ذلك ، تم استعمال مسار مائل على طول قاعدة الحاجز ، الذي ربما كان مصمماٌ للأوقات التي لم تكن فيها القناة قيد الأستعمال، لمنع المياه من التجمع والوقوف في النقاط الحرجة.   

    المصادر العامة للـ 'الوصف والرموز والمشاهد الفنية':

    Bachmann 1927; Jacobsen and Lloyd 1935, 6-18.

    تم العثور على العديد من الكتابات المسمارية في الموقع. بعضها اصلي عائد للموقع بينما الأخر اعيد استعماله من مباني اخرى.

    1. النص A هو اقصر الكتابات الموجودة هنا وهو كما يلي' 'تنتمي الى سنحاريب ، ملك العالم ، ملك أشور'1. يتطابق هذا النص مع نوع النصوص الحجرية الموجودة في المباني الأشورية والبابلية. ويستدل من محتوى هذا النص وموقعه النموذجي ضمن النسيج المعماري ، بأنه لم يكن من المفترض قراءة النص حتى سقوط المبنى وتلفه.
    2. النص B هو النص القياسي للقناة ، ويسجل جلب سنحاريب المياه من مختلف الأنهار والجبال ، تأسيس جسرمن الكتل الحجرية البيضاء لمرور المياه فوقها2. كان هذا النص محفوراً على العديد من احجار القناة وخاصة في جهتها الشمالية ؛ ويظهر على كل دعامة والدخلات وكذلك على كل حاجز (كما يتضح من الجزء الباقي). ولأن النقش كان مقصوداً به ان يكون مرئياً، فأن العلامات المسمارية تظهر بحجم كبير ومتقن للغاية.
    3. النص C هو نسخة مختصرة عن النص القياسي اعلاه3. مثل النص A، يشير موقع هذه الكتابة الى كونها كانت غير مرئية عندما كان هيكل القناة سليماً ومستخدماً.
    4. يتألف النص D من مجموعة من الأحجار التي حفرت عليها علامات مسمارية، التي ربما اعيد استخدامها من مباني اخرى ، والتي اضيفت الى هيكل القناة عندما تم تعزيز الواجهة الجنوبية بغطاء جديد من البناء (حدث هذا في تاريخ غير معروف). هذه النقوش، غير مرتبطة ببعضها البعض ، بحالة سيئة ومع ذلك فقد تم نسخ العديد منها4.

    المصادر العامة 'للكتابات' راجع:

    Jacobsen and Lloyd 1935, 19-30; Grayson and Novotny 2014, 317-326 (nos. 224-228)

    كما تؤكد كتابات سنحاريب، لقد تم إنشاء القناة لتزويد نينوى ومحيطها بالمياه. وقد كانت جزءًا مما يسمى بنظام خَنَس للري الذي يبدأ عند سد عبر نهر الكوميل الى الشمال من جروانة. بعد ان سقطت القناة وتحولت الى خراب، تم بناء قرية صغيرة تسمى جروانة على الجزء الجنوبي من الهيكل، الى الشرق من الأقواس. القرية غير قائمة الآن. يمثل الموقع الآثري الحالي شهادة على اقدم قناة مائية معروفة في العالم.

    زار هنري أوستن لايارد جروانة في منتصف القرن التاسع عشر ووصف القناة1. كما زارها العديد من الرحالة وعلماء الآثار الأوائل من بينهم أل . دبليو . كينغ ، الذي صور الموقع وهو في طريقه الى خنس عام 1904 2. وقد اعتقد كلٌّ من لايارد وكنغ بأن بقايا القناة تمثل طريقًا قديمًا. ومع هذا فقد نسب كينغ الموقع صواباً الى الملك سنحاريب بالأعتماد على النصوص المسمارية التي وجدها في قرية ماهد على بعد ثلاثة اميال الى الجنوب الشرقي من جروانة. فضلاً عن كينغ ، يبدو ان أولمستد مرَ بجروانة ووصفها بكونها 'مسار حجري مرتفع على طول قناة'3. واجرى ڤالتر باخمان مسحاً منهجياً للموقع في عام 1914 وسجل الآثار المتبيقة بدون حفر اثاري4. في العقود التي تلت الحرب العالمية الأولى ، زار العديد من المسافرين والباحثين الموقع ، وفي الثلاثينيات من القرن الماضي ، تم إنشاء المخطط العام للقناة ومساره من خلال الحفريات الآثارية التي أجراها سيتن لويد و ثوركلد جاكبسون5.

    • 1. Layard 1853, 216.
    • 2. ومذكور في رسالة غير منشورة. راجع Jacobsen and Lloyd, 1935, 4.
    • 3. Olmstead 1923, 332.
    • 4. Bachmann 1927, 32-3
    • 5. Jacobsen and Lloyd, 1935.

    Bachmann, Walter. 1927. Felsreliefs in Assyria, Bawian, Maltai und Gundük. Wissenschaftliche Veröffentlichung der Deutschen Orient-Gesellschaft 52. Leipzig: J. C. Hinrichs.

    Boehmer, R. M. 1997. “Bemerkungen bzw. Ergänzungen zu Gerwan, Khinis, und Faidhi.” Baghdader Mitteilungen 28: 245–249.

    Grayson, A. Kirk, and Jamie Novotny, eds. 2014. The Royal Inscriptions of Sennacherib, King of Assyria (704–681 BC). Vol. 2. Winona Lake, IN: Eisenbrauns.

    Jacobsen, Thorkild, and Seton Lloyd. 1935. Sennacherib’s Aqueduct at Jerwan. Chicago: Oriental Institute Publications.

    Layard, Austen Henry. Discoveries in the Ruins of Nineveh and Babylon. London: J. Murray, 1853.

    Olmstead, A. T. 1923. History of Assyria. New York: C. Scribner's Sons.

    Reade, Julian E. 1978. “Studies in Assyrian Geography I: Sennacherib and the Waters of Nineveh.” Revue d'assyriologie et d'archéologie orientale 73: 47–72.

    Ur, Jason. 2005. “Sennacherib’s Northern Assyrian Canals: New Insights from Imagery and Aerial Photography.” Iraq 67: 317–345.

    المحتوى
    هيلين ملكو
    تعديل المحتوى
    ماثيو بيبلز (11/18/19)