تاسست عام 505 ميلادي
وسائل اعلامية
ملف الموقع
تقع المدينة الأثرية دارا، بالآرامية الحديثة/الأشورية الحديثة ܕܪܐ، اليوم ضمن قرية اوغوز في محافظة ماردين في تركيا، على بعد 23 كم جنوب شرق مدينة ماردين. في اوائل القرن السادس الميلادي تحولت هذه القرية الصغيرة الى مستوطنة رومانية ضخمة ضد الإمبراطورية الساسانية – التي تقع حدودها على بعد 18 كم شمال غرب مدينة نصيبين المتنازع عليها – إذ اعيد تسميتها باسم اناستاسيوبوليس على اسم الامبراطور الحاكم. تم اختيار هذه المستوطنة، بالقرب من الحدود بين جبل طور عابدين من الشمال وسهل بلاد وادي الرافدين الى الجنوب، بسبب موقعها الاستراتيجي ذي التحصينات الدفاعية الطبيعية ووجود رافد صغير من نهر الخابور، وهو نهر كوردس، الذي يجري عبر المدينة. يوفر الموقع نظرة فريدة لمستوطنة حدودية في اواخر العصر الروماني/ اوائل العصر البيزنطي من خلال معالمه العمرانية والطبيعية. تشمل المعالم المعمارية القائمة لحد هذا اليوم بقايا اسوار المدينة الضخمة، صهريج ماء كبير، ومدافن منحوتة في الصخر.
الوصف و الرموز و المشاهد الفنية
عن تخطيط دارا و معالمها المعمارية راجع:
Preusser 1911, 44-49; Crow 1981; Croke and Crow 1983, 151-156; Bell and Mundell Mango 1982, 102-105; Whitby 1986; Zanini 2003; Keser-Kayaalp et al. 2017.
التاريخ
كانت دارا قبل العصور القديمة المتأخرة قريةً صغيرة تكونت على ما يبدو خلال الفترة الفرثية. وفقاً لبروكوبيوس واخرين، بدأ تحولها في عام 505 ميلادي عندما اختارها الإمبراطور أناستاسيوس لتكون موقعاً رومانياً بالقرب من الحدود مع الإمبراطورية الساسانية.1 كان إنشاء مدينة محصنة في هذه المنطقة امراً مهماً خاصة بعد الحصول على أميدا (دياربكر)، فقد كان من الضروري انشاء قاعدة جديدة للعمليات العسكرية الرومانية في بلاد وادي الرافدين، وخاصة مع استمرارالنزاع على مدينة نصيبين. تم اختيار دارا بسبب موقعها الاستراتيجي بالنسبة الى الجبال المحيطة بها ومصدر المياه الذي لا ينضب وذلك من بين مميزات الموقع الأخرى.
اشرف على بناء المدينة الأسقف توماس أميدا والمسؤول الروماني كالوبيوس، مسؤول الإمداد في الجيش الشرقي. كانت المعاهدة الرومانية – الساسانية لعلم 441 تمنع بناء حصون جديدة في منطقة بلاد وادي الرافدين، ولكن الساسانيين كانوا مشغولين بمشاكل اخرى ولم يتمكنوا من شن حملة انتقامٍ من الرومان واكتفوا بمضايقة البُناة. كانت عمليات البناء سريعة، إذ اصبحت المدينة جاهزة بحلول نهاية عام 507م. اصبحت المدينة في سنواتها الأولى تسمى أناستاسوبوليس نسبة الى مؤسسها.
بحلول عهد الإمبراطور جستينيان، تم منح دارا – التي لم تعد تسمى أناستاسوبوليس – لقب العاصمة، لتصبح مقراً لكل من الدوكس (قائد ساكسوني) وأسقف مقاطعة جنوب بلاد وادي الرافدين. نجحت المدينة في مقاومة الحصار الساساني عام 530م، وهو العام ذاته الذي انتصر فيه الجنرال الروماني بيليساريوس في معركة كبيرة في المنطقة المجاورة. في هذا الوقت قام جستينيان بتحصين المدينة، إذ عززَ الأسوار التي بُنيت في عهد أناستاسيوس. استمرت دارا في مقاومتها للمزيد من الهجمات الى ان استولى عليها الساسانين عام 573 م، وقد نُفيَ عدد كبير من سكانها الى الإمبراطورية الساسانية آن ذاك. على مر العقود التالية اصبحت دارا مرة ً تحت السيطرة الساسانية واخرى تحت السيطرة الرومانية (في عام 591م، على وجه الخصوص، عادت المدينة الى الرومان وسُمح للمنفيين بالعودة الى ديارهم).
في عام 639 م تم الاستيلاء على دارا من قبل الجيوش الإسلامية مع كامل بلاد وادي الرافدين الرومانية. بعد ذلك تراجعت اهمية المدينة وقلت اعمال البناء فيها. مع ذلك فقد احتفظت المدينة بمجتمع مسيحي كبير تابع للكنيسة السريانية الارثودوكسية خلال القرن الثالث عشر (كما تشهد على ذلك السجلات الكنسية) ومن اعراق وطوائف متعددة. بعد زيارته للموقع عام 1842، ذكر جورج بيرسي بادگر: 'هناك قريتان واقفتان وسط انقاض دارا القديمة، إحداهما تحوي 40 ارمنياً، والآخرى 100 عائلة كردية. يوجد للمسيحيين كنيسة صغيرة وكاهن وهم تابعون الى ابرشية دياربكر'.2 ذكر العديد من رحالة القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين استيطان السكان المحليين بين الآثار القديمة. اليوم، تم تحويل المقبرة الى منتزه أثري، بينما توجد قرية ذات اغلبية كردية (اوغوز الحديثة) داخل اسوار المدينة القديمة.
- 1. رافق بروكوبيوس بيليساريوس الى دارا عام 529/530 وكتب عنها في Buildings (2.i.4-3.26). Wars (2.xiii.16-19) أيضاً يشتبه انه بالغ في الأدلة على دور جستينيان في تأسيس المدينة بسبب الطبيعة المادحة لعمله (راجع Croke and Crow 1983). للمزيد راجع تاريخ زكريا من ميتيلين. (ps.-Zach. Chron. vi.6) و حوليات جوشوا ستايلايت (ed. Wright 1882, 70).
- 2. Badger 1852 (1), 308(2) . أنتقل اخر سكان المدينة من المسيحيين الى سوريا هرباً من مذابح الحرب العالمية الأولى (راجع Anschütz 1975, 185).
مصادر عامة عن دارا راجع:
Preusser 1911, 44; Anschütz 1975, 185; Croke and Crow 1983, 148-153; Keser-Kayaalp et al. 2017
المطبوعات المبكرة
كان المغامر الفرنسي جان باتيست تافيرنييه اول من زار دارا وسجل زيارته عام 1644. ركز جان على مبنى الخزان الموجود تحت الأرض والذي اعتبره كنيسة.1 في 1813 – 1814 اجرى جون ماكدونالد كينير مسحاً منظماً للموقع وصفَ فيه المقبرة والاسوار والعديد من المباني التي تتخلل القرية الحديثة.2 منذ ذلك الوقت اصبحت دارا على طريق الكثير من المسافرين بين ماردين والموصل، والذين غالباً ما اجتذبهم دور المدينة المهم في التاريخ الروماني (وهو الدور الذي اكده ادوارد غيبون في كتابه المشهور 'الأنحدار والسقوط').3 وهكذا فإن المدينة مذكورة في العديد من الحوليات العائدة الى القرن التاسع عشر، على سبيل المثال، يصفها ويليام اينسوورث بأنها 'المكان الأكثر روعة في هذا الجزء من العالم، ابتداً من اطلالها، او مساكنها الجوفية الشاسعة، او الزخرفة الغنية لمقابرها المحفورة'.4 في اوائل القرن العشرين وثقَ كلاً من كونارد بروسير و جيرترود بيل الموقع توثيقاً شاملاً ، وقدما صوراً فوتوغرافية لآثاره الرئيسية5.
مراجع مختارة
Ainsworth, William Francis. 1842. Travels and Researches in Asia Minor, Mesopotamia, Chaldea and Armenia. 2 vols. London: J. W. Parker.
Anschütz, Helga. 1975. “Einige Ortschaften des Tur ‘Abdin im sudösten der Türkei als Beispiele gegenwärtiger und historischer Bedeutung.” Zeitschrift der Deutschen Morgenländischen Gesellschaft, Suppl. 3 (1): 179-193.
Badger, George Percy. 1852. The Nestorians and Their Rituals. 2 vols. London: J. Masters.
Bell, Gertrude, and Marlia Mundell Mango. 1982. The Churches and Monasteries of the Tur ‘Abdin. London: Pindar. Reprint, with new preface, notes, and catalogues, of Gertrude Bell’s The Churches and Monasteries of the Tur ‘Abdin (1910) and Churches and Monasteries the Tur ‘Abdin and Neighboring Districts (1913).
Croke, Brian, and James Crow. 1983. “Procopius and Dara.” Journal of Roman Studies 73: 143-159.
Crow, James. 1981. “Dara, a Late Roman Fortress in Mesopotamia.” Yayla: Report of the Northern Society for Anatolian Archaeology 4: 12-20.
Furlan, Italo. 1988. “Oikema katagheion: Una problematica struttura a Dara.” In Milion: Studi e ricerche d'arte bizantina; Atti della Giornata di Studio, Roma, 4 dicembre 1986, edited by Claudia Barsanti, Alessandra G. Guidobaldi, and Antonio Iacobini, 105-118.
Gibbon, Edward. 1905 [1788]. The Decline and Fall of the Roman Empire. Vol. 4. London: Methuen.
Keser-Kayaalp, Elif, Nihat Erdogan, and Andrew Palmer. 2017. “Recent Research on Dara/Anastasiopolis.” In New Cities in Late Antiquity: Documents and Archaeology, edited by Efthymios Rizos, 153-175. Turnhout: Brepols.
Kinneir, John Macdonald. 1818. Journey through Asia Minor, Armenia, and Koordistan in the Years 1813 and 1814. London: J. Murray.
Mundell, Marlia. 1975. “A Sixth Century Funerary Relief at Dara in Mesopotamia.” Jahrbuch der österreichischen Byzantinistik 24: 209-227.
Nicholson, Oliver. 1985. “Two Notes on Dara.” American Journal of Archaeology 89 (4): 663-671.
Preusser, Conrad. 1911. Nordmesopotamische Baudenkmäler altchristlicher und islamischer Zeit. Wissenschaftliche Veröffentlichung der Deutschen Orient-Gesellschaft 17. Leipzig: J. C. Hinrichs.
Tavernier, Jean-Baptiste. 1676. Les six voyages de Jean Baptiste Tavernier, ecuyer baron d’Aubonne, en Turquie, en Perse, et aux Indes […]. Vol. 1. Paris: G. Clouzier and C. Barbin.
Whitby, M. 1986. “Procopius’ Description of Dara (“Buildings” II.1-3).” In The Defence of the Roman and Byzantine East: Proceedings of a Colloquium Held at the University of Sheffield in April 1986, edited by Philip Freeman and David Kennedy, 737-783. Oxford: B.A.R.
Zanini, Enrico. 2003. “The Urban Ideal and Urban Planning in Byzantine Cities of the Sixth Century AD.” In Theory and Practice in Late Antique Archaeology, edited by Luke Lavan and William Bowden, 196-223. Leiden: Brill.