جسر ملابادي

    ملف الموقع

    يمتد جسر مَلابادي على نهر باتمان على بعد 22 كم شرق مدينة سيلڤان و28 كم شمال باتمان و50 كم شمال غرب حصن كيفا في تركيا الحديثة. بُني في القرن الثاني عشر الميلادي، في عهد حسام الدين تيمورتاش من السُلالة الأرتوقية في ماردين، وهو أحد أفضل الجسور المقوسة التاريخية العديدة المنتشرة في جميع أنحاء المواقع الطبيعية لشرق الأناضول / شمال العراق.

    Surrounding Area

    الجسر: السطح العلوي

    جسر: الجزء السفلي

    جسر: الغرفة الداخلية

    المنطقة المحيطة

    إن اتجاه جسر مَلابادي هو شرق - غرب عبر نهر باتمان المتدفق جنوباً (انظر البانوراما). يبلغ طوله 150 م، وهو مبني من الكتل الآشلار مقطوعة بعناية من الحجر الجيري الأبيض الكريمي. إنّ التصميم غير متماثل ومقسّم إلى ثلاثة أقسام بسبب الطبيعة المتباينة للتضاريس على الضفتين الشرقية والغربية. يقترب القسم الأول الغربي من الضفة الغربية للنهر بتوجيه جنوب-غربي. بانعطاف زاوي، فإنّ القسم الأوسط الذي يتكوّن من القوس الرئيسي يمتد غربًا، بشكل عمودي فوق النهر. على بعد عدة أمتار عن الضفة الشرقية، يستدير الجسر مرة أخرى ليتجه نحو الجنوب-الغربي، مع هذا القسم الشرقي الثالث الذي يمتد بموازاة القسم الأول. يتيح عرض الجسر المثير للإعجاب وهو 7 م مسارًا واسعًا لحركة المرور على طول السطح العلوي. لقد تم التبليط بكتل آشلار غير منتظمة الحجم، في حين أن الجدران المستعملة كدرابزينات - في الأصل من الحديد - فإنّها مبنية من كتل أكثر خشونة.

    تتميز الجسور الحجرية التقليدية المتنوعة في هذه المنطقة بأقواس مستديرة أو مدببة؛ إنّ قوس مَلابادي الرئيسي مدبب ويبلغ ارتفاعه 19 م عند قمته. بامتداده البالغ 38.6 م، يعد أحد أوسع الجسور المماثلة امتداداً: لا يتفوَّق عليه في اتساعه سوى امتداد قوس جسر حصن كيفا المُدَمَّر (والمغمور حالياً بالماء). إنّه يغطي عرض النهر بأكمله. في الجزء السُفلي من القوس (الإنترادوس) الخاص به، يمكن رؤية صفوف مزدوجة من  فتحات القفل للسقالات الخشبية المستعملة في إنشائها، بالقرب من النبع على كُلٍّ من الجانبيَن، أسفل القوالب الأفقية. إنّ القوس، المُعرَّف بواسطة القالب المُقوَّس، خاسف بحوالي 15 سم عن كتلة البناء. إنّ النوافذ الصغيرة في المساحات المثلثة بين الجدران والأقواس تشير إلى موقع حُجرَتَين إثنَتَين داخليَتَين، يتم الوصول إليهما عن طريق بوابة على المسار العلوي؛ إنّ هذه الفضاءات الخالية من الزينة، التي تبلغ حوالي 4.5 × 5.3 م، قد تم وصفُها من قِبَل الرَّحّالة أَوليا چَلَبي (في القرن السابع عشر)  على أنّها غرف ضيوف للمسافرين (انظر البانوراما ؛ للمزيد من التفاصيل، راجع 'المطبوعات المبكرة'). إنّ القسم الأوسط من الجسر يحتوي، إلى الغرب من القوس الرئيسي، على قوس فيضان عرضه 3م محاط بنتوءات الدعّامات المُلحَقة بالدعّامات (cutwaters) على الجانب الشمالي ودعامة مُستديرة واحدة على الجانب الجنوبي. يتخلل القسم الغربي ثلاثة أقواس، يزداد حجمها مع صعود الجسر نحو القوس الرئيسي. يحتوي القسم الموجود على الجانب الشرقي الصخري على قوس دائري صغير واحد فقط.

    إنّ تصميم الجسر ذو تفاصيل دقيقة من خلال الزخرفة المعمارية والمنحوتة، الموجودة بشكل أساسي في القسم الأوسط غرب القوس الرئيسي. من بين الواجهتين، فإن الجنوبية هي الأكثر زخرفة. هنا، فإن قوس الفيضان مُحاط بأعمدة متصلة بالجدار ذات قمم مخروطية الشكل مُتوَّجة بنقشات هندسية. إنّ الأقواس المٌصمتة الموجودة في كلِّ جانب، جنبًا إلى جنب مع المدماك الذي يعلوها، توحي بوجود رواق مزخرف. إلى الشرق من هذه الوحدة تقفُ دعامة ضخمة مستديرة. على مستوى الأروقة، تنحدر الدعامة الساندة نحو الحائط، ثم تستمر في الصعود على شكل عمود مستطيل متصل بجدار تعلوه حَنية مستطيلة الشكل. إن المنحوتة ضمن الحَنية مهترئة تمامًا، لكن قرص الشمس مرئي بوضوح في الأعلى؛ يبدو أن النصف السفلي يصور حيوانًا رباعي الأرجل ، من المحتمل أن يكون أسدًا . على1 الجانب الشمالي للجسر، هناك دعامة ساندة  مقابلة  مع نتوءات الدعّامات المُلحَقة بقاعدتها ؛ معًا ، يدعم زوج الدعامات الساندة المنطقة الواقعة أسفل المدخل للحُجرة الغربية ، والتي يوجد فوقها قوس قائم بذاته يعمل كنوع من البوابة إلى الجسر. هنالك نتوء دعّامة مُلحق بالدعامة أصغر قليلاً على الجانب الشمالي يقف على الجانب المقابل لقوس الفيضان ويحمل مجموعة من الشخصيات المنحوتة فوقه. لقد تم نحت الكتل الموجودة فوق قمته على شكل إنسان منحوت ممتلئ الجسم. إنّ اللوحة المستطيلة تضم في أُطُرِها العلوية نقشاً يصوِّر شخصين منحوتَين اثنَين آخرَين يرتديان قبعات مُدبّبة، أحدهما واقفٌ والآخر ربما يكون جالساً. إنّهم يمدون أذرُعَهم تجاه بعضهم البعض في تلميحة غير واضحة الدلالة.

    • 1. قارن مع Fügen 1976, 101.

    المصادر العامة ل'الوصف و الرموز و المشاهد الفنية':

    Gabriel 1940, 232–236; Fügen 1976; Sinclair 1989, 293; Çulpan 2002, 40–44; Doğangün and Ural 2007.

    يوجد نص عربي مكتوب بخط النسخ فوق الرواق على الجانب الجنوبي للجسر، أسفل الخط الزخرفي الأفقي، داخل شريط ارتفاعه 90 سم. النص متقطع، لكن جان سوفاجيه اقترح القراءة التالية: 
    'بسم [بداية البسملة] ... هذا هو الذي أمر [تيمور] تاش، ابن الغازي، بتمويله وبنائه من ثروته الشخصية، في عام 542 (1147 –1148 م) '1 ...
    يتوافق هذا مع مرحلة معينة من بناء الجسر في ظل سلالات ماردين الأرتوقية (للمزيد من التفاصيل، راجع 'التاريخ'). 

    فضلاً عن ذلك، تم العثور على نص مكتوب باللغة التركية الحديثة ضمن لوحة صغيرة على الجانب الشمالي من الجسر، فوق اللوحة التصويرية مباشرة. يقرأ:
    [ترجمة :   جمهورية تركيا]
    [بواسطة المديرية الإقليمية التاسعة للطرق السريعة]
    [تم إصلاحه]
    [15 ايار 21955]

    • 1. Sauvaget 1940, no. 128 (p. 345). تمت الترجمة هنا عن النسخة الفرنسية لسوفاجيه: Au nom… —Voici ce qu’a ordonné de fonder et de bâtir, en supportant des frais sur sa fortune personnelle, en l’année 542 (1147–8) … [Timur]tash fils d’Il-Ghâzi [fils d’Ortok] …'
    • 2. ترجمة إيرهان تامور.

    تمثل الجسور الحجرية نمطاً معمارياً مهماً في التقاليد المعمارية الإسلامية، ابتداءً من العصر العباسي بشكل خاص (انظر الجسر الحجري في زاخو في شمال العراق القائم لحد الآن، على الأقل في شكله الحالي). كان بناء الجسور يعتبر واجباً ملكياً مهما بالنسبة للعديد من السلالات، ولم يكن الأرتوقيون – الذين سيطروا على مساحة كبيرة من جنوب شرق الأناضول من 1109 الى 1409 م – استثناءً. فقد قام حكامهم ببناء العديد من الجسور في العصور الوسطى في هذه المنطقة. 
    ينسب جسر مَلابادي، حسب النص الكتابي، الى حسام الدين تيمورتاش (1122 – 1154 م)، حاكم فرع الأسرة الأرتوقية المتمركزة في ماردين. من المحتمل أنه تم بناء الجسر لخدمة مدينة ميافارقين/ ܡܝܦܪܩܝܢ (سيلفان الحديثة). لقد قدَّم الرحالة ابن الأزرق (القرن الخامس عشر الميلادي) أسماء العديد من المهندسين المعماريين الذين عملوا على جسرٍ يُرجَّح ان يتم تعريفه بجسر ملابادي: 
    'يذكر انه في عام 541 [1147/1148 م] بدأ السيد حسين الدين [تيمورتاش] ببناء جسر القرمان [مَلابادي] تحت اشراف الزاهد بن ب. الطويل. بعد ان تم تثبيت اجزائه بإحكام على الجانب الشرقي، دمرته الفيضانات تماماً بسبب مهارته المعيبة. تم تغريم هذا الزاهد بسبب عمله وإقالته من وظيفته. وأخذ مكانه أمير سيف الدين شيربارك. بدأ ببنائه تحت اشراف أبو الخير الفاصول الذي أحضر قطعاً كبيرة من الخشب بشكل غير عادي وبدأ العمل. إنها احدى العجائب التي بُنيَت في هذا العصر واستمر العمل عليها.'1
    ووفقاً لما أورَدَه ذاتُ الكاتب، فإن الجسر لم يكن قد اكتملَ وقت وفاة تيمورتاش؛ إذ بقيَ قوس الجسر، تحديداً، بحاجة الى ربط2 . بدأ هذا العمل، الى جانب بعض الإصلاحات الأخرى، في عهد خليفة تيمورتاش، نجم الدين ألبي (1154 – 1176). ويشير ابن الأزرق أيضاً الى ان هذا الجسر أصبح أُنموذجاً يُحتذى به في مناطق الجوار، ولاسيما الجسر الذي بناه فخر الدين أرسلان في حصن كيفا، إذ تعكس الخصائص المعمارية للجسرين بالتأكيد وجود علاقة وثيقة بينهما3
    تم ترميم جسر ملابادي جزئياً بين عامي 1918 و1932، وتم اضافة واجهة جديدة (فضلاً عن جزء صغير فوق القوس الرئيسي) في وقت لاحق في ثلاثينيات القرن العشرين. خدم الجسر السكان لفترة طويلة كونه المعبر الوحيد لباتمان في هذه المنطقة، وظل قيد الاستعمال حتى عام 1955، عندما تم بناء جسر حديث على بعد أمتار قليلة الى الشمال (انظر البانوراما). 

    • 1. Trans. Hillenbrand 1979, 317 . لقد تم تعريف جسر القرمان الذي ذكره ابن الأزرق على أنَّه جسر ملابادي لأول مرة من قبل گابرييل (1940 ، 236) ، وقد تم قبول هذا بشكل عام.
    • 2. Al-Azraq, ms. A., f. 179b (Hillenbrand 1979, 446–447).
    • 3. Cf. Meinecke 1996, 59–60 .

    المصادر العامة ل'التاريخ':

    Gabriel 1940, 232–236; Sinclair 1989, 293; Hillenbrand 1979, 444–447; Çulpan 2002

    لقد قدم أوليا چلبي، الذي زار المنطقة في اربعينيات القرن السابع عشر، الوصفَ الأهم لجسر ملابادي1. ويبدو ان چلبي قد ابدى اعجاباً خاصاً بأعمال الجسور، إذ كان يُشيد بهياكل كلٍّ من جسر حصن كيفا وملابادي. وفي اشارة الى جسر ملابادي، يؤكد أنه '...لنوع بنائه، وقاعدة اساساته، وأبعاده وصلابته، يتفوق على كل جسور الأناضول' علاوةً على ذلك، فإن '... الأناقة والنظام اللّذان يتميز بهما المظهر الخارجي للقوس ليس لهما نظير في اي جسر مشهور اخر...' ويذكر ضمن وصفه للجسر عدداً من المعالم المعمارية التي لم تعد موجودة، بما في ذلك اعمال الحديد العالية الجودة، التي شَكّلت المَرَدّات (parapets) والأبواب الحديدية المؤدية الى الغرف الموجودة أسفل القوس. لقد كان چلبي هو الذي أوردَ إلينا بأن هذه الغرف كانت تُستَعمل كـ 'خانات'، ووصف ايضاً كيفية تحصيل الرسوم عند الجسر خلال فترة تواجده هناك.

    عبر جون جي. تايلور، الجنرال العام لكردستان، نهر باتمان خلال رحلته في ستينيات القرن التاسع عشر، وكتب عن هذا 'الجسر الجيد' وحاول تحديد تأريخه عن طريق النص الكتابي الموجود عليه2. في عام 1940، نشر البرت غابرييل تحليلاً شاملاً ورسومات معمارية وصور فوتوغرافية للجسر3.

    • 1. Seyahâtnâme, Book 4؛ الترجمة الفرنسية في Gabriel 1940, 233–234 ، ترجمت من الفرنسية الى الإنجليزية.
    • 2. Taylor 1865, 25 .
    • 3. Gabriel 1940 .

    Çulpan, Cevdet. 1975. Türk taş köprüleri: Ortaçağdan Osmanlı devri sonuna kadar [ انقرة (باللغة التركية). [الجسور الحجرية التركية: من العصور الوسطى الى الفترة العثمانية]]. Ankara: Türk Tarih Kurumu (in Turkish).

    Doğangün, A., and A. Ural. 2007. “Characteristics of Anatolian Stone Arch Bridges and a Case Study for Malabadi Bridge.” In ARCH’07: 5th International Conference on Arch Bridges, edited by Paulo B. Lorenço, Daniel V. Oliveira, and A. Portela, 179–186. Guimaraes: University of Minho.

    Fügen, Ilter. 1976. “Eine Gruppe der frühtürkischen Brücken in Sudöstanatolien.” In IVème congrès international d'art turc, 97–103. Aix-en-Provence: Université de Provence.  

    Gabriel, Albert. 1940. Voyages archéologiques dans la Turquie orientale. Paris: E. de Boccard.

    Hillenbrand, Carole. 1979. “The History of the Jazīra 1100–1150: The Contribution of Ibn al-Azraq al-Fāriqī.” Ph.D. diss., University of Edinburgh.

    Meinecke, Michael. 1996. Patterns of Stylistic Changes in Islamic Traditions: Local Traditions versus Migrating Artists. New York: New York University Press.

    Sauvaget, Jean. 1940. “Inscriptions Arabes.” In Voyages archéologiques dans la Turquie orientale, by Albert Gabriel, 287–356. Paris: E. de Boccard.

    Sinclair, Thomas A. 1989. Eastern Turkey: An Architectural and Archaeological Survey. Vol 3. London: Pindar.

    Taylor, John G. 1865. “Travels in Kurdistan, with Notices of the Sources of the Eastern and Western Tigris, and Ancient Ruins in Their Neighbourhood.” Journal of the Royal Geographical Society of London 35: 21–58.

    Tunç, Gülgûn. 1978. . انقرة (باللغة التركية) [جسورنا الحجرية]. Ankara: Karayolları Genel Müdürlüğü Matbaası (in Turkish).

    المحتوى
    ماثيو بيبلز (2020)