ملف الموقع
إن بوابة الموصل، المعروفة أيضاً ببوابة بهدينان، هي إحدى بوابتين ضخمتين قامتا تاريخياً بتوفير مدخلٍ إلى قلعة العمادية (البوابة الأخرى لم تعد موجودة). تقع في الطرف الجنوب-غربي من أسوار المدينة الحصينة المرتفعة، يتم الوصول إليها بواسطة درج حجري موغل في القِدَم يستمر امتداده النهائي مباشرةً بمحاذاة وجه المنحدر الغربي ومنحوتاته الصخرية الفرثية الثلاثة (أنظر إلى البانوراما؛ أنظر إلى إعادة التكوين الفوتوغرامتري). لقد بُنِيَت البوابة في القرن الثالث عشر الميلادي، في نهاية عهد السُلالة الزنكية.
وسائل اعلامية
الوصف و الرموز و المشاهد الفنية
الكتابات
هناك نص عربي طويل محفور على شريط يمتد على طول الإطار المستطيل للبوابة. حالياً يكاد يكون مُدمَّر كُليّاً عدى قليلاً من المدّات (stretches) على امتداد الجدار الأيسر، لقد كان متهرِّئاً مُسبقاً وبعض مقاطعه مفقودة في مطلع القرن العشرين، عندما تم تصوير البوابة لأول مرة. لكن، يواخيم غيرلِش استعمل هذه الصور لقراءة أجزاء مُميّزة من النَص.1 إن قراءته للنص على امتداد العضّادة اليمنى، مُلتقِطاً من المقطع غير القابل للاسترداد الموجود في البداية، هي كالآتي:
- [عز لِمَـ]ولانا السلطان المالك المَلك الرحيم العالم العادل المؤيَّد المُظفَّر المنصور المُجاهِد المُحارِب المُتاجِر الغازي بدر الدُنيا والدّين…
وفي العضّادة اليُسرى:
- …[أتابـَ]ك الأعظم أبو الفضائل لؤلؤ…
هذه السلسلة من الألقاب تشير إلى الأتابك الزنكي الذي تحوّلَ إلى حاكم مستقل لإقليم الموصل، بدر الدين لؤلؤ. إن هذه هي الألقاب التي اتخذها الحاكم بعد عام 1233، عندما أعلن سيادته التامة.2 لذا، يسمح النَص بتحديد تأريخ معيّن للنصب أكثر مما يمكن أن يكون في غير هذه الحالة.
- 1. Gierlichs 1995, 202 .
- 2. أنظر إلى Max van Berchem, “Arabische Inschriften” in Archäologische Reise im Euphrat- und Tigris-gebiet, eds. Friedrich Sarre and Ernst Herzfeld (Berlin: D. Riemer, 1911), 13–15، التي تناقش النصوص ذات العلاقة بلؤلؤ في الخان كرافانسراي؛ Gierlichs 1995, 195. إن بوابة الموصل كانت تُعزى إلى لؤلؤ في الجنابي 1982، ص 253، رغم أنّه لم يقدِّّّم تفاصيل حول هذا النص.
التاريخ
على الرغم من احتمالية وجود بوابة ضخمة هنا مُسبقاً أثناء البناء الذي قام به عماد الدين زنكي عام 1142 _ بل وحتى قبل ذلك _ فإن الكتابة المنقوشة على أحد حدود البوابة الحالية تٌشير إلى أنّها قد تم التكليف ببنائها من قِبَل الحاكم بدر الدين لؤلؤ (أنظر إلى 'الكتابات'). في عام 1225م، قام ذلك الذي كان يوماً ما أتابكاً ووصيّاً على ولي العرش الزنكي، بإعلان استقلاله وإخضاع الموصل والعمادية/ آميدي، فضلاً عن عددٍ من المدن الأخرى في المنطقة لسيطرته هو شخصياً. إن الألقاب التي تم استعمالها في الكتابات المنقوشة على البوابة تُشير إلى أنَّها قد تم إنشاؤها بعد قيام لؤلؤ بإعلان سلطته المطلقة عام 1233م (وبالتأكيد قبل وفاته عام 1259م). إن هناك من يُرَجِّح إن هذه البوابة قد تم بناؤها كنصبٍ تذكاري تخليداً لدور العمادية في صعود بدر الدين لؤلؤ إلى السلطة؛ ووفقاً لوجهة النظر هذه، فإنّ وظيفة هذا التصوير الانتصاري كتميمةٍ للحظ السعيد عموماً ستكون قد استُكمِلَت برسالةٍ سياسية.1 إنه لذو أهمية استثنائية الأخذ بالحسبان تحديد وضع البوابة بالعلاقة مع المعالم الأخرى على امتداد الجانب الغربي.2 لقد تم إنشاء البوابة لتتكامل مع الممر الصاعد. علاوةً على ذلك، إن الحُلية المنحوتة في البوابة، بصورها المرسومة جزئياً من أنماط الرسوم الموغلة في القِدَم، لا يمكن إلا أن تكون محاكاةً للمنحوتات الفرثية التي على امتداد المنحدر المجاور _ التي تُرِكت في المكان فيما يمكن أن يُعَد كفعل حفاظ مُتعمّد. إن هذا يمكن مقارنته بالممارسات الموغلة في القِدَم التي تُعطي أهمية لقوة الصور والصروح للربط بين الماضي والحاضر، ولبذل جهود متناسقة للحفاظ على التراث المادي عبر الزمن.3
يبدو محتملاً أنّ البوابة قد بقِيَت في حالة جيدة نسبياً حتى سقوط البهدانيين في ثلاثينيات القرن التاسع عشر. ربما بدأ تدهورها مع الصراعات العسكرية في أواسط القرن التاسع عشر، والتي كُتِبَ عنها بأنّها تسبَّبَت بدمارٍ واسع على امتداد القلعة. بالتأكيد، إن القبو فوق ممر مبنى البوابة كان قد إنهار مع مطلع القرن العشرين _ زمن أوائل الصور الفوتوغرافية _ رغم إن البوابة قد بقيَت في حالة جيدة نسبياً. لكن فيما بعد، انهارت البوابة في ستينيات القرن العشرين،4 وقد تمت إعادة إنشائها في ثمانينياته غير إنَّ هناك الآن ما يستدعي المزيد من أعمال الإصلاح والتثبيت، لذا بدأ عام 2019 مشروعُ ترميمٍ تقوده جامعة كولومبيا قائم حالياً ، يعمل على ضمان استقرار مبنى البوابة وممر الدرج، وتصحيح الأخطاء الناتجة من عملية إعادة إنشاء البوابة التي تمت في ثمانينيات القرن الماضي، وذلك بهدف إعادة إنشاء منحوتات البوابة بشكلٍ يقترب من التصميم الأصلي.
المطبوعات المبكرة
بالرغم من إن العمادية/اميدي كانت قد نوقِشَت من قبل الكثير من المؤرخين والرّحالة منذ فترة القرون الوسطى مروراً بمطلع القرن العشرين، إلّا أنهم عموماً لم يُدوِّنوا سوى القليل عن البوابة. فمثلاً عندما ذكروا المدخل، ليس من الواضح ما إذا كانوا يقصدون بوابة الموصل أم بوابة زيباري، رغم إن ذلك يمكن تأكيده أحياناً. ويليام آيزنوورث، عند زيارته للقلعة عام 1840، كتب أنّ 'بيت الحراسة الموجود اسفل البوابة كان مزدحماً بالجنود، لكنهم، مع ذلك لم يعترضونا.'1 هنري بايندر هو الرّحالة الوحيد الذي علّق (بفضول شديد) على ما تُصوِّرُهُ البوابة.2 في عام 1911، ڤالتر باخمان رسم مخططاً للمسار، يتضمن المخطط الأرضي للبوابة، والتقط صورةً لواجهة البوابة، رغمَ أنّها أُخِذَت عن بُعد.3 إن أفضل صورة فوتوغرافية للواجهة قبل الهدم_ أُلتُقِطت أيضاً في مطلع القرن العشرين_ تم نشرها من قِبَل طارق الجنابي (1982).4 إنّ آخر تقديم للبوابة قبل دمارها في ستينات القرن العشرين، كان لوحةً بالألوان المائية، أُنجِزَت من قِبَل روس ثوماس عام 1955 .5
- 1. Ainsworth 1842 (2), 196 .
- 2. Binder 1887, 202: 'إن هذا الباب يثير الفضول للغاية؛ فالقبو المدبّبب من الخارج مزيَّن بزخارف الأرابيسك والثعابين المتشابكة' “Cette porte est fort curieuse; la voûte extérieure en ogive est ornée d’un dessin d’arabesques et de serpents entrelacés.” .
- 3. Bachmann 1913, 1 والشكل 1؛ لوحة 1. على كل حال، باخمان التقط كذلك صورة أقرب، لم يتم نشرها في عمله عام 1913؛ أنظر إلى Gierlichs 1995, n. 21 والشكل2.
- 4. الجنابي 1982، لوحة 175. أنظر أيضاً إلى الملاحظة السابقة.
- 5. Gierlichs 1995, الشكل 3.
مراجع مختارة
Ainsworth, William. 1842. Travels and Researches in Asia Minor, Mesopotamia, Chaldea, and Armenia. 2 vols. London: J. W. Parker.
الجنابي، طارق. 1982. دراسات في العمارة العراقية في العصور الوسطى. بغداد: وزارة الثقافة و الأعلام.
Bachmann, Walter. 1913. Kirchen und Moscheen in Armenien und Kurdistan. Leipzig: J. C. Hinrich.
Binder, Henry. 1887. Au Kurdistan en Mésopotamie et en Perse. Paris: Maison Quantin.
Gierlichs, Joachim. 1995. “Das Mosul-Tor von ‘Amādiya im Nord Iraq: Ein unbekanntes islamisches Figurenrelief und seine Bedeutung.” Baghdader Mitteilungen 26: 195-206.
Kuehn, Sara. 2013. The Dragon in Medieval East Christian and Islamic Art. Leiden: Brill.
Pancaroğlu, Oya. 2004. “The Itinerant Dragon-Slayer: Forging Paths of Image and Identity in Medieval Anatolia.” Gesta 43 (2): 151-164.