المنحوتات الفرثية

التاريخ

القرن الأول ق.م – القرن الثاني م

تاريخ التوثيق
خريف 2013
نوع الموقع
منحوتات صخرية و مقابر
المدينة
العمادية/اميدي
المحافظة/المنطقة
محافظة دهوك
    وسائل اعلامية

    General Views of the Ascent

    الطريق الى القلعة (الدرج الحجري)

    المنحوتة 2

    المنحوتة 3

    المنظر الخارجي للقلعة والمناظر الطبيعية المحيطة (يُنظر اليها من منطقة بوابة الموصل)

    الصور التاريخية

    يتم الوصول الى قلعة العمادية من الغرب مدى ممشى موغل في القِدَم والذي يقود باتجاه  بوابة الموصل، وهي بوابة ضخمة بنيت في القرن الثالث عشر الميلادي. على طول الامتداد النهائي لهذا المسار الصاعد الطويل،  يمر الزائر بثلاث منحوتات موغلة في القِدَم حُفِرَت مباشرةً في جدران المُنحدَر (أنظر إلى إعادة التكوين الفوتوغرامتري). جميع المنحوتات تُظهِر أشكالاً لإنسانٍ بمفرده وقد تم تحديد تأريخ إنشائها من خلال طرازها ورموزها إلى الحِقبة الفرثية.

    قام ڤالتر باخمان، الذي زار المدينة في عام 1911، برسم وتحديد موقع المنحوتات على جرف القلعة (انظر الرسم)  وانتج فريق العمل من جامعة كولومبيا مخططاً  جديداً اعتمد على الصور الملتقطة باستعمال تقنية الدرون (او الطائرة المُسيَّرة بدون طيار)1. لقد وُضِعَت المنحوتات الثلاث كُلُّها داخل حنيات منحوتة في الصخر بدون تأطير؛ إنّها مقوّسة من الأعلى، وتحافظ على التقليد الواديرافديني للمنحوتات المنقوشة في الصخر والتي تتخذ شكل المسلات (ناروو) (قارن مع عدّة منحوتات للملك الاشوري سنحاريب قرب خنس). إنها تتفاوت في ارتفاعاتها ما بين 2.2-2.8م، كلّاً منها تصَوِّر شكلَ شخصٍ بحجمٍ يقارب الحجم الطبيعي أو اكبر قليلاً.  جميعها قد قَدُمَ وتغيرَّت خواصه اللونية نتيجةَ التعرُّض الطويل للعوامل الجوية _ بعضها أكثر من الآخر_ ولم يحتفظ أيّاً منها بأي كتابة او تلوين. يمكن إرجاع هذه المنحوتات إلى عهد الفرثيين اعتماداً على رموزها وطُرُزها. للسهولة، تم ترقيم المنحوتات من 1 الى 3 بناءً على بعدها النسبي عن بوابة الموصل ابتداءاً من منحوتة رقم 1 الأقرب الى البوابة. (هذا الترقيم لا يُقصَد به التسلسل الزمني).

    المنحوتة رقم 1:

    تقع هذه المنحوتة على مقربة شديدة من مدخل القلعة (أنظر الى البانوراما؛ أنظر  إلى إعادة التكوين الفوتوغرامتري2 يبلغ ارتفاع الحنية او الكوة المحيطة بالنقش 2.81 م وأقصى عرضٍ لها 1.54 م. في داخلها يوجد نحت لرجل يتخذ وقفة الكونترابوستو إذ يظهر متكئاً على ساقٍ واحدة إلى الأمام. على الرغم من ان المنطقة المحيطة بالرأس متضررة جداً، يبدو ان الشخص يرتدي غطاء رأس، إذ تتدلى عُصابة رأسه إلى أسفل كتفه الأيسر؛ هناك شيءٌ شبه مدوّر ذو علاقة غير مؤكّدة بغطاء الرأس يُرى فوق العُصابة. هنالك خصلات مدوّرة من الشعر تنبثق من تحت غطاء الرأس، تمتد إلى الأكتاف، مباشرةً تحت مستوى العنق، هنالك خط كنتوري في المنحوتة ربما يدل على اللحية. إن الملابس العُليا للشخص المنحوت لا يمكن تمييزها، وليس من الواضح إن كان يرتدي حزاماً (هنالك مَعلَمٌ غير مُعرَّف، قد يكون لة علاقة بحزام، يبرز قليلاً عن خصر الشخص المنحوت من جانبه الأيمن). يبدو ان الشخص المنحوت كان يرتدي سروالاً طويلاً يضيق عند الكاحل. تمتد يده اليمنى لتمسك برمحٍ سميك أو شيء، بقبضةٍ تمسك الرمح قليلاً الى الأعلى من مستوى المِرفَق؛ ذراعه اليسرى منحنية كأنما تمسك اليد قبضة السيف الملتصق بالخصر. سيفٌ آخر، يظهر طرف مقبضه المدوّر في المسافة بين الخصر والمِرفَق، يتدلى على امتداد الساق الأيسر؛ شيءٌ ثالث، ربما يكون سلاحاً آخراً، يستند على جانب أسفل الساق اليمنى. إن موضوع هذه المنحوتة قد يكون حاكماً إقليمياً، لكن تأويله على أنه إله معقولٌ كذلك بنفس القدر بل ربما يكون هو التفسير المُفضَّل.3 للشخص، أن التموضع أي أسلوب الوقفة في المنحوتات الإقليمية التي تمثل الحُكّام أثناء هذه الفترة يميل إلى إظهار الشخص بمنظار جانبي وبذراع مرفوعة (قارن مع الصور في ميرقولي، و ربّانة، وباتاس حرير)؛ إن هذه المنحوتة تشترك بالأكثر من ذلك، في كلٍّ من الطراز والناحية الرمزية، مع المنحوتات الحضرية (نسبة إلى مدينة الحضر في العراق) والتي تصوِّر الآلهة الذكور. لذا، فإن الشخص المنحوت يمكن تعريفه على أنّه إلهُ حربٍ يقف حارساً في المدخل إلى القلعة؛ هكذا حُرّاس يُعرفون أيضاً من خلال الكتابات المنقوشة في تلك الفترة.

    المنحوتة رقم 2:

    نُقِشَت المنحوتة التالية على بُعد عِدّة أمتارٍ أسفل المنحدر وهي أصغر بقليل من المنحوتة رقم 1، وبأبعاد 2.35م ارتفاعاً × 1.61م عرضاً (أنظر الأنموذج الفوتوغرامتري4 وهذه هي الأكثر تهرّؤاً من بين المنحوتات الثلاث ولذلك فهي الأصعب في التفسير. مع ذلك، فإنه ما يزال ممكناً استخراج الخطوط الكنتورية لشخصٍ منحوتٍ آخر يقف ضمن الحنية.5 يبدو الشخص المنقوش كأنه يرتدي الخيتون والهيماتيون ذات الطراز الإغريقي (نمط الملابس الإغريقية). إن طيّات الهيماتيون العلوي تنطوي بشكلٍ مائل عبر الجسم، تُسحَب إلى الجانب وتُمسَك باليد اليُسرى. استناداً إلى ملابس الشخص المنحوت ووقفته، فمن المُرجَّح جداً أن يكون أنثى. يستند قرب ساقها اليسرى، جسمٌ بيضوي من المحتمل أن يكون درعاً. لقد تهرّأ النحت الذي حول الرأس، لكن بسبب الفضاء الكبير المتروك فوق مستوى الكتف، فإن غطاء الرأس الطويل يمكن ترميمه هنا. نظراً الى حجم مجال التشكيل إلى يمين الشخص المنحوت، يمكن التخمين بأن يدها اليمنى تمسك شيئاً ما: ربما رمحاً او راية، أو سعفة نخل، كما في تصاوير الآلهات في العملات الفرثية. قد يمثِّل الشخص المنحوت نوعاً من التايتشي للمدينة (أي الإله الوصي الرئيسي الذي يتحكم بالثروة والازدهار)، أو الثروة؛ لكن، الأكثر ترجيحاً هو احتمالية أن يكون نوعاً من اللات-أثينا (الإلهة اللات-أثينا معبدها كان في تدمر) عند الأخذ بالحسبان الرداء المائل ذي الطيّات والدرع المحتمل إلى جانبها.6

    المنحوتة رقم 3:

    لقد وُضِعَت هذه المنحوتة بشكل استراتيجي عند قلبة الدرج عندما يلتف الدرج نحو امتداده النهائي إلى بوابة الموصل (انظر إلى البانوراما؛ شاهد إعادة التكوين الفوتوغرامتري).7

     

    إن أبعاد حدودها 2.21م ارتفاعاً × 1.79 م عرضاً عند القاعدة؛ وبعمق 36 سم، وبذلك تكون هذه أعمق الخسفات الثلاثة. المنحوتة تصوِّر شكل رجلٍ آخر، وهذه بمنظر جانبي. إنه يخطو، كأنّه يصعد الممشى نحو القلعة. وقد حُنِيَت ذراعهُ اليمنى المرفوعة من المِرفَق، لتصبح فوق الصدر. لقد رُفِعَت ذراعه اليسرى أمامه، ويده تمسكُ شيئاً مُدبّباً قد يكون على الأرجح رُمحاً. يرتدي الشخص المنحوت تونيك قصير (وهو رداء يشبه رداء كهنة المعابد) يصل إلى الركبتين، مع صديري ضيق أو درع. هنالك عُصابة رأس أو عباءة تتدلى وراءه، تنتهي تحت كتفه الأيمن؛ آثار قطعة ملابس اخرى او حزام، ومن المحتمل أن تكون سلاحاً، يمكن رؤيتها عند الخصر من الخلف ووراء الساق اليمنى. شيءٌ آخر، يصعب تفسيره، يبرز من مقدمة جذعه، تحت الذراع المرفوعة. الشخص المنحوت في هذه المنحوتة قد يمثل حاكماً، لكن مسألة هويته ما زالت مفتوحة للنقاش.

    • 1. Bachmann 1913, p. 1.
    • 2. راجع الوصف الأشمل في Bahrani et al. 2019, 52–54 and 57–58.
    • 3. للاطلاع على المجادلة بشكلٍ أكمل مع المصادر، راجع Bahrani et al. 2019, 58.
    • 4. راجع الوصف الأشمل في Bahrani et al. 2019, 54–55 and 58.
    • 5. في البدء تم تمييزها من قِبَل مارف زاموا (2008، 116)؛ باخمان وآخرون حَسَبوا أن الخسفة خالية (أي ليس فيها منحوتات/نقوش).
    • 6. Bahrani et al. 2019, 58.
    • 7. راجع الوصف الأشمل في Bahrani et al. 2019, 55–56, 58–59.

    إن المعلومات التي تم عرضها هنا قد أستُمِدّت من Bahrani et al. راجع أيضاً إلى Mathiesen 1992 (2), 183–194 (nos. 142–143); Marf Zamua 2008, 115–116; Miglus et al. 2018.

    إن المعالم الرمزية والطُرُزية لمنحوتات العمادية/اميدي الصخرية تدلُّ بوضوح على أنها نُحِتَت خلال الحِقبة الفرثية، تقريباً في القرن الأول قبل الميلاد الى القرن الثاني الميلادي.1 في هذا الوقت، خضع الكثير من شمال وادي الرافدين لحكم ممالك تابعة_ كما في الحضر، حيث صُنِع بعضٌ من أقرب المنحوتات شبهاً للمنحوتات في العمادية. على الرغم من أن الوضع السياسي للعمادية خلال تلك الفترة ما يزال مسألةً غير معروفة، إلا أن المساحة العامة تبدو كأنها تحت سيطرة حدياب (راجع المزيد فيما دوِّن عن موقع العمادية/اميدي).2 لكن _ كما في أغلب المنحوتات المنقوشة في الصخر من هذه الحِقبة _ تفتقر المنحوتات إلى الكتابات المنقوشة التي تحدد زمنها ضمن فترة حكم حاكم معين. لم يكن مؤكّداً كذلك إن كانت جميعها (أي المنحوتات الثلاث) قد تم نحتها في نفس الفترة الزمنية تقريباً، أم أنها كانت قد أُضيفت على مراحل مختلفة عبر القرون للحِقبة الفرثية. يمكن ملاحظة أن هناك اختلافات واضحة في الصفات النوعية لطرازها. إن المنحوتة رقم 3 تُظهر نمذجة واقعية وحركة ديناميكية للجسم؛ يمكن لهذا أن يوحي بتأريخ مبكر ضمن الحقبة الفرثية، عندما كانت التأثيرات الإغريقية الهلنستية أقوى_ ربما خلال القرن الأول قبل الميلاد. إن شكل الأنثى في المنحوتة رقم 2 من الممكن أن يكون ضمن نفس التأريخ المبكر. إن طراز المنحوتة رقم 1، بشخصها المنحوت الأمامي، ذو صلة بالفن في القَرنَين الأولى بعد الميلاد.  

    مع ذلك، فإن الطُرُز المختلفة تتواجد معاً في وادي الرافدين خلال مُجمَل العهد الفرثي، لذا ليس مستحيلاً أن تكون تلك المنحوتات قد تم نقشها في ذات الفترة تقريباً.

    من المثير للاهتمام، أن المنحوتات، على امتداد الدرج المعاصر لها، قد تم الحفاظ عليها خلال القرون ما بعد القديمة من استيطان العمادية. حتى عندما أصبح الطيف الديني المهيمن لسكان المدينة مسيحياً، ومسلماً، ويهودياً، فإن المنحوتات لم تُظهر أي دليل على تعرُّضها للمحو المتعمد أو التشويه المقصود للرموز الدينية. إن الجدران الدفاعية التي شُيِّدَت في عهد الزنكيين وبوابة الموصل، في القرون 12-13الميلادية، بُنِيَت دون وجود أي محاولة لإزالة تلك الصور التي يسهل جداً مشاهدتها بوضوح والتي تعود لفترة ما قبل الاسلام؛ إن المجموعة الناتجة أحدَثَت حواراً ما بين ماضي القلعة وحاضرها.3

    • 1. راجع الجدلية بتفصيل أكثر في Bahrani et al. 2019, 57–59.
    • 2. راجع تعليقاتٍ أكثر عن السياق السياسي الإقليمي (الجيوسياسي Geopolitical) في Miglus et al., 122–125.
    • 3. Bahrani et al. 2019, 59–60 .

    رغم إن العمادية/اميدي كانت قد تم وصفُها من قِبَل الجغرافيين والرحّالة منذ القرون الوسطى فصاعداً، فإن المنحوتات خارج بوابة الموصل لم يتم توثيقها رسمياً حتى القرن 19م وأوائل القرن 20م (على الأقل وفقاً للمصادر المحفوظة). قارن وليام آينزوورث، الذي لاحظ فقط المنحوتة الأقرب إلى بوابة الموصل، ملابس الشخص الظاهر في المنحوتة مع صور شابور الأول وأرجعها بالتالي إلى العهد الساساني (1842).1 إن تخمين آينزوورث كان قريباً نسبياً من الهدف المرجو وهو تحديد التأريخ الصحيح للمنحوتة؛ بعض المعلِّقين كانوا أكثر غموضاً في تكهُّناتهم، ربما يعود ذلك جزئياً الى حقيقة أن هذه المنحوتات كانت كما يبدو منذ ذلك الحين مُتهالكة. عندما لاحظ مارك سايكس المنحوتة الأقرب لبوابة الموصل، ذَكَر بأن هذا: “الشكل الغريب... قد يعود الى الحيثيين أو ما بعدهم، لكنه قد ضاعت ملامحه (تشوّهت) جداً حتى بات لا يمكن سوى للآثاريين (المتعاملين مع الآثار وجامعيها) الأكثر علماً وجرأةً تحديد تاريخه' (1904).2 في الواقع، أوستن هنري لايارد كان قد أصاب مُسبَقاً في تحديده التأريخ الذي يتفق عليه الباحثون الآن، بإرجاع ذات المنحوتة الى حقبة 'الملوك الأرساكيين' (1849).3 لا أحد من هؤلاء الزائرين كان قد عمل أي رسم للمنحوتات. لكن، في عام 1911 ڤالتر باخمان أشَّرَ مواضع جميع الحنيات الثلاثة في مخططه للدرج والبوابة. لقد التقط كذلك صوراً للمنحوتة 1 والمنحوتة 3 (أنظر الصور الفوتوغرافية؛ يبدو أنه لم يدرك إن الحَنية الوسطى تحمل صورة متهرئة لشخصٍ ما (المنحوتة 2)).4

    • 1. Ainsworth 1842 (1), 196 .
    • 2. Sykes 1904, 166 .
    • 3. Layard 1849 (1), 161 .
    • 4. Bachmann 1913, 1 .

    Ainsworth, William. 1842. Travels and Researches in Asia Minor, Mesopotamia, Chaldea, and Armenia. 2 vols. London: J. W. Parker.

    Bachmann, Walter. 1913. Kirchen und Moscheen in Armenien und Kurdistan. Leipzig: J. C. Hinrich.

    Bahrani, Zainab, with Haider Almamori, Helen Malko, Gabriel Rodriguez, and Serdar Yalcin. 2019. “The Parthian Rock Reliefs and Bahdinan Gate in Amadiya/Amedi: A Preliminary Report from the Columbia University Mapping Mesopotamian Monuments Survey.” Iraq 81: 47-62.

    Layard, Austen Henry. 1849. Nineveh and Its Remains. 2 vols. London: J. Murray.

    زاموا، دلشاد أ. 2008. "المنحوتات الصخرية القديمة في مدينة (اميدي) العمادية." سوبارتو 2008 (2): 113- 121.

    Mathiesen, Hans E. 1992. Sculpture in the Parthian Empire. 2 vols. Aarhus: Aarhus University Press.

    Miglus, Peter, Michael Brown, and Juan Aguilar. 2018. “Parthian Rock Reliefs from Amādiya in Iraqi-Kurdistan.” Zeitschrift für Orient-Archäologie 11: 110–129.

    Sykes, Mark. 1904. Dar-ul-Islam: A Record of a Journey through Ten of the Asiatic Provinces of Turkey. London: Bickers.

    المحتوى
    ماثيو بيبلز (2020)